آراء وتحليل

  • اللجنة الأولمبية المغربية …مؤسسة دون بوصلة

    اللجنة الأولمبية المغربية ليست مجرد واجهة تنظيمية، بل هي مؤسسة سيادية في المشهد الرياضي. يفترض أن تكون مسؤولة عن إعداد الرياضيين ومواكبتهم لرفع الراية الوطنية في أكبر المحافل العالمية. لكن الواقع الذي يعيشه المتتبع اليوم يطرح سؤالاً مؤرقاً: هل اللجنة فعلاً تقوم بدورها أم أنها تحولت إلى جهاز إداري يفتقد للرؤية؟



    ولاية رئاسية بلا رقابة



    انتُخب فيصل العرايشي رئيسًا للجنة الأولمبية عام 2017، ثم جُدد له المنصب في 2023.كما أشار إلى ذلك بلاغ اللجنة الذي أعلن تحيين النظام الداخلي واللوائح القانونية لعملها . لكن النقاش القانوني لا يقف عند التمديد، فالمادتان 10 و23 من القانون رقم 30-09 تؤكدان أن اللجنة يجب أن تنظم جمعاً عاماً انتخابياً في وقته، وأن أي رئيس فقد صفة عضويته في الجامعة الرياضية يجب أن يفقد منصبه في المجلس التنفيذي للجنة أولمبية . وفي الحالة المغربية. يبدو أن العرايشي صمد بدون مساءلة رغم انتهاء ولايته.، ما يطرح سؤالاً ملحّاً: هل تعمل اللجنة خارج النص القانوني؟



    إنجازات محدودة رغم الإمكانيات الهائلة



    في أولمبياد طوكيو ثم باريس، اكتفى المغرب بإنجازات فردية لامعة، على رأسها ذهبية سفيان البقالي في ألعاب القوى، وبرونزية المنتخب الأولمبي في كرة القدم. إنجازات مشرفة لكنها تبقى معزولة. رغم ضخ ميزانيات معتبرة تجاوزت 11 مليار سنتيم للفترتين، تفتح ملف فشل التخطيط والاستراتيجية تحت إشراف اللجنة.



    تسيير يثير الجدل



    على مستوى التدبير، كثير من الجامعات الرياضية تشتكي من ضعف التنسيق مع اللجنة الأولمبية. فبدلاً من أن تكون اللجنة شريكاً داعماً، تتحول أحياناً إلى جهاز بيروقراطي يضاعف التعقيدات.رغم الضغوط والمطالب المتكررة لعقد انتخابات جديدة تستجيب لمقتضيات القانون، تصر اللجنة الأولمبية على إجراء تحيينات داخلها بـ”جمع عام استثنائي” لعكس ما تناسبه من شروط داخلية. بينما يطالب مسؤولون وجامعات رياضية بعقد جمع عام شفاف، مُنسجم مع القانون.



    الحاجة إلى نفس جديد



    النقد هنا لا يستهدف الأشخاص بقدر ما يستهدف المنهجية. فالرياضة المغربية لا تحتاج إلى مؤسسات شكلية، بل إلى قيادة تضع مصلحة الرياضي فوق كل اعتبار، وتعمل بشفافية على تقييم الحصيلة ومحاسبة المسؤولين. المطلوب اليوم ليس مجرد تغيير أسماء، بل إعادة بناء قواعد اللعبة على أساس احترام القانون، وتجديد الدماء، وربط المسؤولية بالمحاسبة.



    الواقع الحالي:



    اللجنة الأولمبية المغربية ليست في أفضل حالاتها؛ إذ خيّم عليها منطق المصالح بدل التحفيز والاحتراف. وبدلاً من أن تكون المؤسسة العليا التي تُنتج بطولات وتنمية، صارت جزءاً من “البيروقراطية المستعصية” التي تُوظّف القوانين وفق الأهواء.إن استمرار العرايشي على رأس اللجنة منذ 2017 دون مساءلة ولا شفافية يُعكس أزمة ثقة كبيرة بين الرياضة المغربية ومؤسساتها. إن لم نُعِد تفعيل القانون، وبناء عالم رياضي يُجدد نفسه ديمقراطياً، ستظل النتائج شحيحة، والفرص ضائعة، والإنجازات مجرد شعار للاستهلاك.

  • السوق السوداء تلهب أسعار تذاكر مباراة المغرب والنيجر

    ما تعيشه الساحة الكروية في المغرب مع اقتراب مواجهة المنتخب الوطني أمام النيجر يتجاوز مجرد مباراة حاسمة في تصفيات كأس العالم 2026، ليكشف عن أزمة متجددة اسمها السوق السوداء.

    رغم أن المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله أصبح يتسع لـ68 ألف متفرج بعد إعادة تهيئته، إلا أن التذاكر نفدت في ساعات قليلة، ليبدأ مسلسل مألوف: تذاكر تباع بأضعاف سعرها، ومشجعون يلهثون وراء فرصة دخول الملعب بأي ثمن. أن تتحول تذكرة قيمتها 100 درهم إلى 500 درهم، فهذا ليس مجرد مضاربة عابرة، بل دليل على غياب منظومة محكمة في ضبط قنوات البيع والطلب.

    السؤال الحقيقي هنا: كيف يمكن لبلد يستعد لاحتضان كأس إفريقيا 2025 ومونديال 2030 أن يقبل بتكرار مثل هذه المشاهد؟ إذا كان التنظيم الرقمي للتذاكر خطوة إيجابية، فإن تقييده بحساب بنكي واحد لا يكفي لإغلاق الباب أمام السماسرة. المطلوب هو نظام أكثر شفافية، يعتمد التذاكر الرقمية المشفرة المرتبطة بالهوية، مع مراقبة صارمة للسوق الموازي.

    من جهة أخرى، هذه الأزمة تكشف شيئًا آخر: شغف الجمهور المغربي بالمنتخب الوطني بلغ مستوى غير مسبوق. الحضور الجماهيري لم يعد مجرد دعم، بل تعبير عن انتماء وهوية، وهذا مكسب حقيقي يجب استثماره. لكن إذا استمر استغلال هذا الحماس عبر السوق السوداء، فإننا نخاطر بفقدان ثقة الجماهير، وهو أخطر ما يمكن أن يحدث لبلد يراهن على صورته الرياضية عالميًا.

    المباراة أمام النيجر ستُلعب بشبابيك مغلقة، والمنتخب يحتاج فقط نقطة للعبور إلى مونديال 2026. لكن خارج الملعب، هناك مباراة أخرى نخسرها منذ سنوات: مباراة الشفافية في تدبير التذاكر. والوقت حان لإيجاد حلول جذرية، حتى لا يبقى الجمهور رهينة المتاجرين بالشغف.

    قد يهمك أيضا:

  • الجامعات الرياضية في المغرب.. هل كل الرؤساء استثناءات للقاعدة القانونية؟

    ينص القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة بوضوح على قاعدة أساسية:رئيس أي جامعة رياضية لا يمكن أن يتجاوز ولايتين متتاليتين، أي ثماني سنوات في المجمل. الاستثناءات محصورة في حالتين: منصب دولي مرتبط مباشرة بالجامعة، أو مصلحة وطنية عليا تُبرر استمرار الرئيس، وفي هذه الحالة يجب تعيين “رئيس منتدب”.

    لكن، عندما نفتح لائحة الجامعات الرياضية، نجد أن أغلب الرؤساء تعدوا هذا السقف، بعضهم لعشرين سنة وأكثر. هنا يطرح السؤال البديهي: هل كل هؤلاء حالات استثنائية؟وإذا كان الأمر كذلك، فما جدوى القانون أصلاً؟

    فوزي لقجع، مثلاً، يبرر استمراره لولاية ثالثة بارتباطه بمناصب دولية في “الفيفا” و”الكاف”. قد نتفهم هذا التبرير، لأنه يدخل ضمن نص القانون. لكن ماذا عن أسماء أخرى مثل عبد السلام أحيزون في ألعاب القوى، مستمر على رأس ألعاب القوى منذ 2005، أي ما يزيد عن خمس ولايات كاملة، دون مبرر قانوني مقنع.

    .لكن هل هو وحده؟ قطعاً لا. في الملاكمة، يجلس عبد الجواد بلحاج على الكرسي منذ 2002، أكثر من عشرين سنة من التسيير وكأن الجامعة ضيعة خاصة. أما فيصل العرايشي فقد حجز مقعده في التنس منذ 2009، ومعه محمد بلماحي في الدراجات منذ 2008، والاثنان لا يستندان إلى أي استثناء منصوص عليه في القانون. وحتى بشرى حجيج في الكرة الطائرة تخطت الولايتين منذ 2013، فيما يظل إدريس الهلالي في التايكواندو رقماً قياسياً بولايتين طويلتين منذ 2001 ثم عودة متجددة حتى 2025.

    القانون أم لعبة الكراسي؟

    من هنا يطرح السؤال البديهي: هل كل هؤلاء حالات استثنائية؟ وإذا كان الجواب نعم، فما معنى وجود القانون أصلاً؟

    قبل أن نتحدث عن النتائج، الميداليات أو الخيبات، يجب أن ندعم الأساس: “التسيير الديمقراطي والقانوني”. الرياضة المغربية لن تتطور ما لم يُحترم القانون، ويُفسح المجال لتداول حقيقي على الكراسي.

    الواقع أن منطق “المصلحة العليا” صار مطية لتبرير التمديد، بينما المصلحة العليا الحقيقية هي ضخ دماء جديدة، وتجديد الأفكار، ومحاسبة من فشلوا.

    الجامعات الرياضية ليست ضيعات شخصية ولا مقاولات وراثية. وإذا كان الجميع استثناءً، فإن احترام القانون أصبح الاستثناء الوحيد!

  • المغرب على أعتاب ثورة الألعاب الإلكترونية

    لم تعد الألعاب الإلكترونية مجرد هواية أو وسيلة لتمضية الوقت، بل تحولت إلى صناعة عالمية هائلة، بعائدات تتجاوز 240 مليار دولار سنوياً أكثر بكثير من السينما والموسيقى معاً. وفي قلب هذه الثورة الرقمية، يقف المغرب أمام فرصة ذهبية ليكون لاعباً مهماً في إفريقيا.

    يملك المغرب قاعدة شبابية واسعة شغوفة بالألعاب، من ألعاب الهاتف إلى بطولات Esport الاحترافية. هذا الشغف ليس مجرد ترفيه، بل يمثل طاقة إبداعية قابلة للتحول إلى مشاريع ريادية وفرص عمل. وفي السنوات الأخيرة، بدأت بطولات محلية وإفريقية تنظم، وشركات ناشئة تدخل السوق، مع دعم متزايد من مؤسسات الدولة لتأطير هذا القطاع.

    يمتلك المغرب عناصر قوية تجعل المستقبل واعداً في صناعة الألعاب الإلكترونية. الشباب المغربي متحمس ومبدع، ما يشكل قاعدة ممتازة للمطورين واللاعبين المحترفين على حد سواء. موقع المغرب الجغرافي يجعله حلقة وصل مثالية بين إفريقيا وأوروبا، ما يفتح الباب أمام شراكات واستثمارات دولية. إضافة إلى ذلك، الدعم الرسمي المتزايد يوفر بيئة تنظيمية أفضل ويحفز دخول القطاع الخاص، مما يمنح المشهد الرقمي دفعة قوية للنمو.

    • المغرب

    التحديات

    رغم الإمكانات، تواجه صناعة الألعاب في المغرب بعض العقبات. نقص الاستوديوهات المحلية القادرة على إنتاج ألعاب تنافسية عالمياً يمثل عائقاً رئيسياً، فضلاً عن التكاليف المرتفعة وطول فترة تطوير الألعاب. كما تظل البنية التحتية الرقمية بحاجة إلى تعزيز، خصوصاً فيما يتعلق بخوادم اللعب وسرعات الإنترنت، إضافة إلى نقص البرامج التعليمية والتكوينية المتخصصة التي تجمع بين الفن والتكنولوجيا والتصميم.

    الطريق نحو الريادة

    ليصبح المغرب مركزاً رائداً للألعاب الإلكترونية في إفريقيا، لا بد من تبني رؤية شاملة. دعم حكومي موجه للشركات الناشئة وصناديق التمويل، مع تطوير برامج تعليمية وورش تدريبية متخصصة، سيكونان حجر الأساس. كما يجب تعزيز البنية التحتية الرقمية لإنجاح البطولات المحلية والدولية، والاستثمار في الهوية الثقافية المغربية لتطوير ألعاب تحمل طابعاً أصيلاً يمكن تصديره عالمياً. بهذا النهج، يتحول شغف الشباب بالألعاب إلى صناعة متكاملة تدر فرص عمل ومشاريع تجارية مبتكرة.

    ماذا بعد؟

    أعتقد أن المغرب يمتلك اليوم فرصة نادرة للتحول إلى قطب للألعاب الإلكترونية في إفريقيا، لكن النجاح لن يتحقق بالبطولات وحدها، بل بالاستثمار في الجذور: التعليم، البنية التحتية، والصناعة المحلية. إذا تحققت هذه الشروط، يمكن للمغرب أن يتحول من مجرد مستهلك إلى مصدرٍ للألعاب والمحتوى الرقمي، وأن يضع بصمته في صناعة عالمية ترسم ملامح المستقبل.

    هذا التحوّل يتطلب صبراً واستثمارات طويلة الأمد. النجاح لن يأتي بالجهود العرضية أو بدوران عجلة البطولات فقط؛ بل عبر بناء منظومة تعليمية، صناعية وتسويقية متكاملة. إذا فعلنا ذلك، فإن المغرب لا يخطط فقط لموسم بطولات ناجح بل لبوصلة اقتصادية جديدة تُوظِّف آلاف الشباب وتُنتج منتجات ثقافية رقمية تُعرِف العالم بالمغرب بطريقة جديدة تماماً.

    قد يهمك أيضا:

  • ربيع حريمات.. متى ينتهي منطق الحسابات الضيقة؟

    في كرة القدم، الأرقام لا تكذب، والألقاب لا تُمنح بالمجاملة. ربيع حريمات تُوِّج أفضل لاعب في “الشان” الأخير، وهو شرف لم ينله بالصدفة، بل بعرق وجهد وأداء استثنائي جعل كل المحللين يُجمعون على أنه أحد أبرز نجوم البطولة. ومع ذلك، يظل خارج حسابات وليد الركراكي وكأن التتويج لا يعني شيئاً!

    السؤال الذي يحرق شفاه الجماهير: بأي منطق يُقصى لاعب وطني بهذه القيمة من المنتخب الأول؟ إذا كانت الأسباب راجعة لخلافات سابقة، فـ”عفا الله عما سلف”. المنتخب ليس ساحة لتصفية الحسابات الشخصية ولا صندوقاً مغلقاً لأهواء المدرب.

    حريمات لم يطلب المستحيل، بل يطالب بحقه المشروع في فرصة حقيقية. من حقه أن ينافس على مكانه أسوة بكل لاعب. من حق الجماهير أن ترى نجم الشان وهو يختبر نفسه أمام كبار إفريقيا والعالم بقميص الأسود.

    الركراكي يكرر الحديث عن “القناعات التكتيكية”، لكن أليست التنافسية والجاهزية من أهم مقومات أي تكتيك؟ ما قيمة لاعبين محنطين بلا دقائق في أنديتهم الأوروبية، بينما يتجاهَل لاعب يبدع أسبوعاً بعد آخر في البطولة الوطنية، ويمتلك شرف قيادة منتخب محلي إلى التتويج القاري؟

    تجاهل حريمات يفضح أزمة أعمق: أزمة عقلية إقصائية تعطي الأولوية للاعب المحترف الأوروبي على حساب الموهبة الوطنية. وهذا المنطق المقلوب يُفرغ المنتخب المحلي من جدواه ويقتل حلم كل لاعب في البطولة الوطنية.

    الجماهير المغربية لا تطلب المستحيل: جربوا حريمات، امنحوه الفرصة التي يستحقها، ودعوا الميدان يحكم. أما أن يبقى رهينة خلافات شخصية أو “قناعات” جامدة، فتلك إهانة للبطولة المغربية، ولروح المنافسة التي يفترض أن تُميز المنتخب الوطني.

    المنتخب ليس ملكاً للركراكي ولا لأي مدرب يمر. المنتخب ملك للمغاربة جميعاً. وحريمات اليوم هو الصوت العالي الذي يذكرنا أن الكرة يجب أن تُدار بالعطاء فوق الميدان، لا بالعناد والكواليس

  • مستقبل الكرة الطائرة في المغرب.. من المسؤول عن ضياع الجيل الجديد؟

    أنهى المنتخب المغربي لأقل من 21 سنة مشواره في بطولة العالم بالصين 2025 محتلاً المركز 23 بعد فوزه في آخر مواجهة على نظيره التونسي (3-2). ورغم أن الحصيلة النهائية لا تعكس بالضرورة طموحات عشاق الكرة الطائرة الوطنية، فإن تفاصيل المباريات أظهرت جيلًا شابًا يمتلك روحًا قتالية وقدرات واعدة، قادرة على مقارعة مدارس كروية عريقة مثل البرازيل، الولايات المتحدة، وتركيا، ولو لفترات محدودة.

    خسر المغرب أمام منتخبات كبرى (مصر، الصين، تركيا، الولايات المتحدة، البرازيل) لكنه نجح في مجاراة بعضها خلال أشواط حاسمة، كما حدث أمام البرازيل (27-25) أو الولايات المتحدة (25-23)، الأداء الهجومي كان في فترات عديدة في مستوى المنافسين، لكن قلة الخبرة، وغياب برامج إعداد طويلة المدى جعلت الفوارق تظهر في اللحظات الحاسمة.

    ورغم النتائج السلبية في معظم المباريات، كان الانتصار على تونس مسك الختام، إذ أثبت أن المغرب قادر على فرض نفسه قارياً ودولياً إذا توفرت له ظروف أفضل للتطور.


    أزمة منظومة قبل أن تكون أزمة لاعبين

    المشاركة الأخيرة لا يمكن اختزالها في الهزائم فقط، بل هي مرآة تعكس أزمة عميقة في المنظومة الرياضية المغربية الخاصة بالكرة الطائرة. فاللاعب الصغير ليس مسؤولاً عن النتيجة بقدر ما هو انعكاس لمدى تكوينه. وإذا لم يحظَ منذ الصغر بتكوين علمي وتقني سليم، وبتأطير نفسي وبدني متواصل، فمن الطبيعي أن يجد نفسه في مواجهة منتخبات تملك أكاديميات ومدارس متجذرة.

    الحقيقة أن الجامعة الملكية المغربية للكرة الطائرة مطالبة بالتخلي عن الأسلوب الهاوي الذي يطبع تسيير اللعبة منذ سنوات. فما يزال الاستثمار في الأكاديميات شبه منعدم، والتكوين المستمر للمدربين محدود، والدعم النفسي والبدني للاعبين الصغار غائب. بل إن المشاركة في البطولات العالمية تتحول أحياناً إلى ما يشبه “رحلات سياحية” بدل أن تكون محطة لتقييم عمل منظومي طويل المدى.


    كيف يمكن تغيير الواقع؟

    إذا كانت كرة الطائرة المغربية تريد فعلاً أن تغادر هامش الرياضة الوطنية، فإن الإصلاح يجب أن ينطلق من الأساس:

    1. التكوين من الصغر: إدماج الكرة الطائرة في المدارس، وإنشاء مراكز جهوية للتدريب قادرة على اكتشاف المواهب مبكراً.
    2. الأكاديميات والبنية التحتية: الاستثمار في قاعات مجهزة وأكاديميات محترفة بدل الاعتماد على قاعات متهالكة أو نوادٍ صغيرة لا تملك إمكانيات.
    3. تأهيل المدربين: فرض تكوين مستمر وشهادات متقدمة للمدربين المغاربة، مع الاستعانة بخبراء دوليين لنقل التجارب.
    4. المواكبة النفسية والطبية: إعداد لاعب متوازن ذهنياً وبدنياً، قادر على مواجهة ضغط المنافسة الدولية.
    5. برامج طويلة المدى: وضع خطة تمتد لعشر سنوات على الأقل، تُبنى على نتائج محددة وأهداف واضحة، بدل الاكتفاء بالمشاركة الموسمية.

    المغرب يملك مواهب حقيقية، لكن المواهب وحدها لا تكفي في زمن الرياضة الحديثة. المطلوب اليوم هو ثورة في التسيير والتخطيط، لأن الاستمرار بالنهج الحالي يعني البقاء في الهامش، بينما الإصلاح الجذري قد يضع المغرب على خارطة الكرة الطائرة العالمية في غضون سنوات قليلة.

    قد يهمك أيضا:

  • المنتخب ليس حكراً لأحد.. دعوا المحليين يطرقون باب الأسود

    إلى متى سنظل ندور في نفس الحلقة المفرغة من اختيارات وليد الركراكي التي تثير الجدل أكثر مما تبعث على الطمأنينة؟ المنتخب الوطني الأول ليس ملكاً شخصياً للمدرب، ولا هو نادي خاص يُدار بالأمزجة والولاءات. إنه منتخب وطن، والوطن للجميع.

    مشهد المنتخب المحلي في نهائي كأس إفريقيا للمحليين أمام مدغشقر يختزل الحقيقة كاملة: هناك لاعبون متميزون، مقاتلون، يملكون من الحماس والجاهزية أكثر مما يملكه بعض “المحترفين” الذين يدخلون قائمة الأسود وكأنها امتياز وراثي. هؤلاء المحليون أثبتوا علو كعبهم، فلماذا الإصرار على تهميشهم وكأنهم أشباح؟

    الركراكي يمنح بعض الأسماء “بطاقة عبور دائمة” رغم غياب التنافسية وضعف الأداء في أنديتهم الأوروبية، بينما يتجاهل أسماء محلية تقطر عرقاً فوق الملاعب المغربية وتستحق فرصة حقيقية، لا مجرد عشر دقائق “ديكور” في مباراة ودية.

    الأدهى من ذلك أن الخلافات المعلنة بين الركراكي وهشام الدميعي أو عبد الحق السكيتيوي وغيرهما من أصوات تقنية وطنية بدأت تفضح ما يجري في الكواليس: توتر، عناد، وانغلاق على نفس الاختيارات، حتى صار الجمهور يتساءل: هل المدرب يدافع عن مصالح المنتخب أم عن عناده؟

    من حق كل مغربي أن يحلم برؤية لاعب من البطولة الوطنية يتألق بقميص الأسود في المونديال و الكان. من حقنا أن نسأل: ما الفائدة من منتخب محلي قوي إذا كان مصيره دائماً التهميش؟

    الكرة لا تعترف بالجواز الأوروبي ولا بالبطاقة الاحترافية في الخارج. الكرة تعترف بالعطاء فوق العشب، بالحماس، بالجاهزية. والمنتخب الأول لن يكون جاهزا لكأس إفريقيا للأمم المقبلة، إلا إذا كان فعلاً منتخباً لكل المغاربة، لا منتدى مغلقاً للمحترفين “المحنطين”.

    الرسالة واضحة: آن الأوان أن يفتح الركراكي الباب على مصراعيه أمام المحليين، أن يمنحهم دقائق وازنة، لا فتاتاً. وإلا فإن الحديث عن مشروع وطني جامع سيبقى مجرد شعارات للاستهلاك الإعلامي.

Back to top button