مستقبل الكرة الطائرة في المغرب.. من المسؤول عن ضياع الجيل الجديد؟

أنهى المنتخب المغربي لأقل من 21 سنة مشواره في بطولة العالم بالصين 2025 محتلاً المركز 23 بعد فوزه في آخر مواجهة على نظيره التونسي (3-2). ورغم أن الحصيلة النهائية لا تعكس بالضرورة طموحات عشاق الكرة الطائرة الوطنية، فإن تفاصيل المباريات أظهرت جيلًا شابًا يمتلك روحًا قتالية وقدرات واعدة، قادرة على مقارعة مدارس كروية عريقة مثل البرازيل، الولايات المتحدة، وتركيا، ولو لفترات محدودة.
خسر المغرب أمام منتخبات كبرى (مصر، الصين، تركيا، الولايات المتحدة، البرازيل) لكنه نجح في مجاراة بعضها خلال أشواط حاسمة، كما حدث أمام البرازيل (27-25) أو الولايات المتحدة (25-23)، الأداء الهجومي كان في فترات عديدة في مستوى المنافسين، لكن قلة الخبرة، وغياب برامج إعداد طويلة المدى جعلت الفوارق تظهر في اللحظات الحاسمة.
ورغم النتائج السلبية في معظم المباريات، كان الانتصار على تونس مسك الختام، إذ أثبت أن المغرب قادر على فرض نفسه قارياً ودولياً إذا توفرت له ظروف أفضل للتطور.
أزمة منظومة قبل أن تكون أزمة لاعبين
المشاركة الأخيرة لا يمكن اختزالها في الهزائم فقط، بل هي مرآة تعكس أزمة عميقة في المنظومة الرياضية المغربية الخاصة بالكرة الطائرة. فاللاعب الصغير ليس مسؤولاً عن النتيجة بقدر ما هو انعكاس لمدى تكوينه. وإذا لم يحظَ منذ الصغر بتكوين علمي وتقني سليم، وبتأطير نفسي وبدني متواصل، فمن الطبيعي أن يجد نفسه في مواجهة منتخبات تملك أكاديميات ومدارس متجذرة.
الحقيقة أن الجامعة الملكية المغربية للكرة الطائرة مطالبة بالتخلي عن الأسلوب الهاوي الذي يطبع تسيير اللعبة منذ سنوات. فما يزال الاستثمار في الأكاديميات شبه منعدم، والتكوين المستمر للمدربين محدود، والدعم النفسي والبدني للاعبين الصغار غائب. بل إن المشاركة في البطولات العالمية تتحول أحياناً إلى ما يشبه “رحلات سياحية” بدل أن تكون محطة لتقييم عمل منظومي طويل المدى.
كيف يمكن تغيير الواقع؟
إذا كانت كرة الطائرة المغربية تريد فعلاً أن تغادر هامش الرياضة الوطنية، فإن الإصلاح يجب أن ينطلق من الأساس:
- التكوين من الصغر: إدماج الكرة الطائرة في المدارس، وإنشاء مراكز جهوية للتدريب قادرة على اكتشاف المواهب مبكراً.
- الأكاديميات والبنية التحتية: الاستثمار في قاعات مجهزة وأكاديميات محترفة بدل الاعتماد على قاعات متهالكة أو نوادٍ صغيرة لا تملك إمكانيات.
- تأهيل المدربين: فرض تكوين مستمر وشهادات متقدمة للمدربين المغاربة، مع الاستعانة بخبراء دوليين لنقل التجارب.
- المواكبة النفسية والطبية: إعداد لاعب متوازن ذهنياً وبدنياً، قادر على مواجهة ضغط المنافسة الدولية.
- برامج طويلة المدى: وضع خطة تمتد لعشر سنوات على الأقل، تُبنى على نتائج محددة وأهداف واضحة، بدل الاكتفاء بالمشاركة الموسمية.
المغرب يملك مواهب حقيقية، لكن المواهب وحدها لا تكفي في زمن الرياضة الحديثة. المطلوب اليوم هو ثورة في التسيير والتخطيط، لأن الاستمرار بالنهج الحالي يعني البقاء في الهامش، بينما الإصلاح الجذري قد يضع المغرب على خارطة الكرة الطائرة العالمية في غضون سنوات قليلة.
قد يهمك أيضا: