كتب سلوى الكرافل

مع اقتراب انطلاق كأس إفريقيا 2025 (AFCON) في المغرب، يقف المنتخب المغربي أمام تحديات كبيرة في استعداداته، حيث تتقاطع الضغوط البدنية والنفسية مع طموحات الجماهير في تقديم أداء يُضاف إلى تاريخ الكرة المغربية.

الاستعدادات اللوجستية والفنية للمنتخب المغربي

على الرغم من أهمية التحضيرات للبطولات الكبرى، يبدو أن استعدادات المنتخب المغربي لكأس إفريقيا الحالية جاءت متواضعة إلى حد ما، حيث اقتصرت على مباراتين وديتين أمام الموزمبيق وأوغندا، بالإضافة إلى المباريات المؤهلة لكأس العالم. بالمقارنة مع النسخ السابقة، لا يشهد البرنامج أي تغييرات كبيرة، ويعتمد بشكل أساسي على هذه المباريات القليلة لاختبار جاهزية الفريق.

لكن هذه التحضيرات تحمل في طياتها عدة تحديات تؤثر على جاهزية اللاعبين؛ إذ لا يقتصر الأمر على الجانب البدني، في ظل الإصابات المؤكدة التي تهدد جاهزية بعض العناصر الأساسية، وعلى رأسها أشرف حكيمي، الذي تبقى مشاركته في بداية كأس إفريقيا محل شك، إضافة إلى الإرهاق الناتج عن خوض بعض اللاعبين 90 دقيقة كاملة مع أنديتهم. ولا تقف التحديات عند هذا الحد، بل تمتد إلى الجانب النفسي والذهني، حيث يستعد اللاعبون لخوض البطولة أمام جماهير متحمسة، ما يضاعف من حدة الضغط النفسي. وإلى جانب ذلك، تظل الجاهزية التكتيكية عاملًا حاسماً، إذ يرتبط نجاح المنتخب بمدى الانسجام والتفاهم الجماعي بين اللاعبين داخل أرض الملعب.

رغم هذه التحديات، يتميز المنتخب المغربي بعدة عناصر تضمن له التفوق والاستمرارية. فقد برزت قوة البنية التحتية والتكوين على المدى الطويل، خاصة من خلال مركز وأكاديمية محمد السادس لكرة القدم، اللذين يوليان اهتمامًا كبيرًا بتكوين اللاعبين منذ الصغر، ما يضمن تدفقًا مستمرًا للمواهب الشابة، كما ظهر ذلك في فوز المغرب بلقب كأس العالم تحت 20 سنة 2025. إلى جانب ذلك، توفر المدرسة التدريبية المغربية ونهج المدرب وليد الرگراگي، إضافة إلى الجانب الذهني وروح العائلة بين اللاعبين والجماهير المغربية، قاعدة صلبة للمنتخب في مواجهة تحديات البطولة القارية.

المشاركة المغربية على المستوى المؤسسي والإداري

تلعب الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم(FRMF) دورًا محوريًا وفعالًا في تنظيم مشاركة المنتخب المغربي في البطولات الكبرى. تحت قيادة رئيسها فوزي لقجع، يشهد المشهد الكروي المغربي استقرارًا فنيًا وإداريًا واضحًا، على عكس بعض الاتحادات الإفريقية التي تعرف تغييرات متكررة في المناصب الفنية والإدارية. كما توفر الجامعة بنية تحتية متطورة، يتصدرها مركز محمد السادس لكرة القدم، الذي يعمل كمقر دائم لإعداد المنتخب المغربي، إلى جانب إدارة ملف اللاعبين المحترفين والتخطيط الشامل لجميع الفئات السنية، بما في ذلك كرة القدم النسوية والمنتخبات المحلية، ما يضمن وجود منظومة كروية متكاملة ومستدامة.

علاوة على ذلك، تُعتبر الكرة المغربية اليوم مشروعًا وطنيًا واستراتيجيًا طويل الأمد يحظى بدعم سياسي وملكي رفيع المستوى، ما يعزز من قدرتها التنافسية على الصعيدين القاري والدولي. هذه الميزة التنظيمية والإدارية تجعل المغرب نموذجًا يُحتذى به في إدارة المنتخبات الوطنية وتحضيرها للبطولات الكبرى، مما ينعكس إيجابًا على أداء اللاعبين وتجربة الجماهير.

التحدي الأكبر: ترجمة الجاهزية إلى نتائج

تظهر التحضيرات المغربية لكأس إفريقيا 2025 أن ما يحدث خلف الكواليس لا يقل أهمية عن الأداء داخل الملعب. فبين الاستعدادات الفنية المتواضعة نسبيًا، والجاهزية البدنية والنفسية للاعبين، والاستقرار الإداري والهيكلي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والدعم السياسي والملكي للمشروع الكروي الوطني، يبدو أن المغرب يمتلك منظومة متكاملة تضمن الاستمرارية وتزيد من فرص النجاح.

إن التنظيم المحكم والاهتمام بالمسار الطويل للمنتخبات والفئات السنية يجعل من المشاركة المغربية نموذجًا يُحتذى به في القارة الإفريقية، ويؤكد أن الفوز أو الأداء المشرف ليس نتاج لحظة عابرة فحسب، بل ثمرة تخطيط استراتيجي وعمل مستمر خلف الكواليس.

يبقى التساؤل الجوهري مطروحاً: هل ستترجم هذه الجاهزية والتنظيم القوي إلى نتائج ملموسة على أرض الملعب؟ الجماهير المغربية على موعد مع متابعة دقيقة، لاكتشاف ما إذا كان المنتخب المغربي قادرا على تحويل هذه المشاركة إلى صفحة مشرقة في تاريخ الكرة المغربية والأفريقية.

قد يهمك أيضا:

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *