الصحافة صوت الحقيقة وصوت الشعب الذي لا يجب إسكاته أبدا في زمن تكميم الأفواه وإسكات أصوات الحق…

بقلم محمد كرومي (الزمامرة)
في عالم مليء بالتحديات والأزمات والمتناقضات والمشاكل الكبرى ، تظل حرية الرأي والتعبير، وفي قلبها حرية الصحافة الرهان الاكبر لمحاربة الظلم والفساد في مجتمع ظالم وينخره الفساد والاستبداد ،والصحافة النزيهة التي تتبنى قضايا وانشغالات المجتمع هي حجر الزاوية في بناء المجتمعات الديمقراطية ، التي تحترم مباديء و حقوق الإنسان وتصون كرامته . فالصحافة ليست جريمة لا هي صوت الحقيقة وصوت المجتمع ، بل حق أصيل تكفله القوانين الدولية ومبادئ العدالة والإنصاف رغم كل التحديات .
إن كل محاولة لإسكات الأصوات الحرة وتكميم فمهم أو عرقلة الصحفيين عن أداء رسالتهم النبيلة من خلال اعتراض سبيلهم وترهيبهم ومواجهتهم في حرب معلنة من طرف الايادي الملوثة هو جريمة ضد الصحافة وضد حرية الرأي والتعبير مع سبق الاصرار والترصد ، لا تعد مجرد إعتداء على الأفراد العاملين في المجال الإعلامي والجسم الصحفي ، بل هي إنتهاك صارخ لحقوق المجتمعات بأكملها. كما أن التضييق على حرية الصحافة يمثل عقبة كبيرة أمام حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات ، وحقهم في التعبير عن آرائهم بحرية ودون خوف أو قيد.
الصحافة الحرة والمستقلة، هي مرآة المجتمع الحقيقية، و التي تعكس همومه وتطلعاته ، وتسلط الضوء على مكامن الخلل والفساد . إنها الحارس الأمين لمساءلة المسؤولين وكشف التجاوزات وضمان الشفافية في المجتمع ،وأي قيد يوضع على حرية الصحافة ليس دليل قوة ، بل هو هزيمة وضعف و انعكاس لخوف دفين من مواجهة الحقيقة ومحاولة بائسة لإخفاء الفشل والتستر على العيوب وقد تكشف عن المستور وفضح الفساد و المفسدين .
كما أن حرية الصحافة لم تكن أبدا مجرد شعار يرفع في المناسبات ، بل هي سلوك وممارسة تتكرس باستمرار وضرورة حيوية تضمن تعددية الآراء وثراء النقاش العام ، وهي مؤشر على صحة الأداء الحكومي و كل إصلاح لاجتماعي حقيقي أو إقتصادي ، إنها تتيح تمثيل مختلف الأصوات، وتدعم الحوار البناء الذي يؤدي إلى التطور والازدهار .
الصحفيون هم الذين يبحثون عن الحقيقة الغامضة ، أولئك الذين يعرضون أنفسهم للمخاطر من أجل إيصال الحقيقة إلى الناس ، إنهم جنود العدالة وحماة القيم الإنسانية. وهم المساهمين في تحقيق التنمية داخل البلاد وأي إعتداء عليهم أو تضييق عليهم ليس فقط جريمة ضد الأفراد ، بل ضد المجتمع بأسره، لأن أي محاولة لتقييد عمل الصحفيين تقوض الثقة بين المواطن و مؤسساته ، وتضعف ركائز الأمن المجتمعي و تعرقل التنمية وتحول دون محاربة الفساد.
فأي قمع الكلمة الحرة النزيهة ، هو دليل على ضعف الحكومات وليس قوتها ، لأنه يعكس عدم قدرتها على تحمل النقد أو مواجهة الواقع.
في المقابل ، المجتمعات التي تسود فيها حرية الصحافة هي تلك التي تنعم بالاستقرار والازدهار، لأن النقد البناء وكشف الحقائق يشكلان أساس الإصلاح والتقدم.
كما أن الدفاع عن حرية الصحافة ليس مسؤولية الصحفيين وحدهم، بل هو واجب كل مواطن يؤمن بالعدالة وحقوق الإنسان . فالصحافة الحرة ليست رفاهية يمكن الاستغناء عنها، بل هي ركيزة أساسية لضمان بقاء المجتمع نابضا بالحياة ، قادرا على مواجهة تحدياته بسلاح الحقيقة ، لا بسيف القمع والترهيب.
يمكن القول ، إن حرية الصحافة ليست مجرد مطلب مهني للصحفيين ، بل هي واجب أخلاقي وإنساني ، وضمانة لتحقيق العدالة والكرامة ، فبدون صحافة حرة مستقلة ، تضيع الحقيقة ، ويهدر الحق، ويتراجع المجتمع إلى ظلمات الاستبداد والخوف.
قد يهمك أيضا: