كرة القدم

السنغال تكتب التاريخ في سيتي غراوند

في ليلة لن تُمحى من ذاكرة كرة القدم العالمية، ارتجت أرجاء ملعب “سيتي غراوند” على وقع صيحات الانتصار الأفريقية، عندما حطمت “أسود التيرانغا” السنغالية أسطورة إنجليزية عمرها عقود من الزمن. النتيجة 3-1 لم تكن مجرد أرقام على لوحة النتائج، بل كانت إعلان ميلاد حقبة جديدة في تاريخ الكرة الأفريقية.

لمدة 21 مباراة كاملة، ظلت إنجلترا حصناً منيعاً أمام الفرق الأفريقية، كالعملاق الذي لا يُقهر. لكن في هذه الليلة السحرية، تحطمت الأسطورة على صخرة العزيمة السنغالية، لتصبح السنغال أول منتخب أفريقي يذيق الأسود الثلاثة طعم الهزيمة المُرة.

الشوط الأول

افتتح هاري كاين المشهد بالطريقة التي اعتادت عليها إنجلترا – هدف مبكر يُفترض أن يحسم المعركة قبل أن تبدأ. كان الأمر يبدو وكأنه نفس السيناريو المُعتاد: إنجلترا تسجل، الخصم الأفريقي ينهار، والقصة تنتهي كما بدأت.

لكن إسماعيلا سار كان له رأي آخر. قبل أن ينتهي الشوط الأول، هز الشباك الإنجليزية بهدف التعادل، مُرسلاً رسالة واضحة: هذه المرة ستكون مختلفة.

الشوط الثاني

إذا كان الشوط الأول مجرد إنذار، فإن الشوط الثاني كان الزلزال الحقيقي. حبيب ديارا تقدم خطوة إلى الأمام، محولاً حلم السنغال إلى واقع ملموس بهدف التقدم الذي أشعل الجماهير وأصاب الجهاز الفني الإنجليزي بالذهول.

عندما ظن البعض أن إنجلترا قد تعود إلى المباراة، تدخل الحكم ليلغي هدف التعادل الإنجليزي بداعي لمسة اليد، كأن القدر نفسه كان يقف في صف الأسود الأفريقية.

اللحظة الذهبية

الوقت بدل الضائع… اللحظات الأخيرة… النفس الأخير. هنا ظهر شيخ صابالي كالبطل الذي ينتظره التاريخ، ليضع اللمسة الأخيرة على هذه التحفة الفنية بالهدف الثالث الذي أكد الفوز وختم أسطورة لن تُنسى.

بهذا الانتصار الملحمي، واصلت “أسود التيرانغا” سلسلتها الذهبية اللاهزيمة للمباراة السادسة عشرة على التوالي، مؤكدة أنها ليست مجرد ضيف عابر في عالم كرة القدم، بل قوة حقيقية يُحسب لها حساب.

في المقابل، يجد توماس توخيل نفسه تحت دائرة الضوء، والانتقادات تنهال عليه من كل صوب قبل تصفيات كأس العالم المقبل. السؤال الذي يطرح نفسه: هل كانت هذه مجرد زلة عابرة، أم إنذار مبكر لمشاكل أعمق؟

لم تكن السنغال الوحيدة التي صنعت المفاجآت في هذه الجولة من المباريات الودية. الملاعب الأوروبية شهدت دراما حقيقية:

سلوفينيا انتصرت على البوسنة والهرسك (2-1) في مباراة شهدت تبادلاً مثيراً للأدوار، فيما أكدت المجر قوتها المتنامية بفوز مماثل على أذربيجان.

الدب الروسي استفاق من سباته ليفترس بيلاروسيا بنتيجة مدوية (4-1)، بينما واصلت الدنمارك عروضها المبهرة بخماسية نظيفة في شباك ليتوانيا المسكينة.

لكن ربما كانت أكثر المباريات إثارة هي تلك التي جمعت السويد والجزائر في ملحمة انتهت 4-3 لصالح أصحاب الأرض. سبعة أهداف في مباراة واحدة، قلوب تتوقف وتعود للنبض، وفي النهاية انتصار سويدي بطعم الأدرينالين الخالص.

لوكسمبورغ وأيرلندا اختارا طريق الحذر والتعادل السلبي، فيما سقطت بلغاريا في فخ الرباعية النظيفة، وأخيراً حققت أيرلندا الشمالية فوزاً ثميناً على أيسلندا بهدف وحيد كان كافياً لحسم المعركة.

قد يهمك أيضا:

Show More

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button