هل أساء الركراكي لوجدة… أم كشف عن واقع خفي؟

أثار تصريح وليد الركراكي، مدرب المنتخب الوطني المغربي، عقب مباراة الأسود ضد النيجر، جدلاً واسعاً في مدينة وجدة. حين قال: “ماكنتش غانكون فرحان كون تأهلنا من وجدة ، الحمد لله جا التأهل من العاصمة الرباط“، انطلقت موجة غضب عارمة، واعتبر الكثيرون أن الرجل أساء إلى عاصمة الشرق. لكن، هل كان الأمر فعلاً إهانة متعمدة، أم أن سوء الفهم زاد الملح على جرح قديم تعانيه وجدة؟
تصريح ملتبس… وفهم ملتبس
ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن تصريح الركراكي كان صادماً في سياق حساس. لكن عند العودة إلى الفيديو الأصلي، يظهر أن المدرب لم يكن يقصد الإساءة إلى المدينة ولا إلى ساكنتها، بل كان يتحدث عن مستوى الأداء الذي قدمه المنتخب في مباريات سابقة بوجدة، والذي لم يكن في المستوى المطلوب.
اللغة الفرنسية التي استعملها، وطريقة الترجمة، جعلت الرسالة تبدو جارحة. لكن المتتبعين المقربين من الركراكي أكدوا أن الرجل عبّر عن احترام كبير لساكنة الشرق وجمهورها العاشق لكرة القدم.
لماذا إذن كل هذا الغضب؟
الجواب بسيط: ربما وجدة جُرحت كثيراً، والتهميش جعلها شديدة الحساسية لأي كلمة تُقال في حقها. حين يعيش المواطن في مدينة يشعر أنها تُقصى من المشاريع الكبرى وتُعامل كمدينة من الدرجة الثانية، فإنه يتلقف أي تصريح بصفته إهانة إضافية.
الحقيقة التي يجب التذكير بها، هي أن وجدة ليست مدينة بلا فرح كما توهم البعض. بل هي مدينة تاريخية أنجبت لاعبين كباراً بصموا المنتخب الوطني عبر عقود، من محمد الفيلالي إلى عبد الله الهوا. هي مدينة نضالات وتضحيات، وجمهور مولودية وجدة أحد أعمدة الكرة المغربية. الفرح في وجدة لم يكن مرتبطاً أبداً بنتائج المنتخب وحده، بل متجذراً في تاريخها وثقافتها وهويتها.
الخلاصة أن ما وقع هو التقاء بين سوء تعبير وسوء فهم، فوق أرضية هشّة اسمها “التهميش”. وجدة أُهينت لعقود بسوء التدبير، وهذا لا يبرر زلات اللسان لكنه يفسر حساسية رد الفعل.
على الركراكي أن يدرك أن الكلمة مسؤولية، وأن أي جملة غير محسوبة قد تشعل فتنة. وعلى مسؤولي وجدة أن يعوا أن أفضل رد اعتبار للمدينة لن يكون في مهاجمة مدرب، بل في إصلاح ما أفسدوه هم عبر سنوات.