عندما يتعلق الأمر بلقب الحصان الأسود الجميع ينظر إلى نيوكاسل يونايتد بعد ما حققه صندوق الاستثمار السعودي من إنجازات، ولكن ماذا عن أستون فيلا؟
الفريق الذي يلعب الليلة أمام مانشستر سيتي في الجولة 15 من الدوري الإنجليزي، يأتي في المركز الرابع بجدول البريميرليج بفارق 7 نقاط عن آرسنال ويمكنه تقليص هذا الفارق إلى 4 لو فاز على سيتي.
الفيلا لم يكن بحاجة إلى إنفاق أكثر من مليار يورو مثلما فعل تود بولي مع تشيلسي، فقط أوناي إيمري وما يزيد قليلًا عن 30 مليون يورو بخط الوسط وبعض التفاصيل الأخرى التي فعلها مالك النادي المصري ناصف ساويرس للنهوض بناديه..
في 16 أبريل 2016 تعرض فيلا لكارثة تاريخية بعد خسارته أمام مانشستر يونايتد بهدف دون رد ليودع الدوري الإنجليزي للمرة الأولى منذ 28 سنة.
الثنائي قرر شراء 55% من أسهم أستون فيلا مقابل 30 مليون جنيه استرليني في يوليو 2018، وكانت الخطوة التي فتحت أبواب النور والمجد أمام العريق المتهالك.
الموسم الأول لفيلا بعد العودة كان كارثيًا باحتلال المركز السابع عشر بفارق نقطة واحدة فقط عن مراكز الهبوط، ولكن الفريق تحسن تدريجيًا في الموسم التالي باحتلال المركز الحادي عشر وكان وقتها بمثابة الصداع لكبار المسابقة.
في موسم 2021/2022 أيقنت إدارة أستون فيلا أن دين سميث ليس هو الرجل المناسب لطموحاته ليأتي ستيفن جيرارد الذي حاول إصلاح أي شيء ولكنه فشل أيضًا، وهنا جاء الإسباني أوناي إيمري ليتغير كل شيء!
عندما قرر نيوكاسل إحداث طفرة بالنادي مع صندوق الاستثمار قرر الاعتماد على إيدي هاو الذي فاجأ الجميع وقاد الفريق للتأهل إلى دوري أبطال أوروبا.
المفارقة هي أن نيوكاسل هبط معه في نفس الموسم رفقة نوريتش، لتكون نهاية مؤقتة للعريقين في البريميرليج قبل أن تأتي الانتفاضة التي يعيشونها الآن.
نيوكاسل كانت له الأسبقية في العودة، حيث تواجد في نسخة 2017/2018 واحتل المركز العاشر وكان مهددًا بالهبوط لفترات، بينما عاد فيلا مرة أخرى للبطولة في 2019 عن طريق المدرب دين سميث.
مثلما كافحت جماهير نيوكاسل مع المالك السابق مايك آشلي، عانى عشاق أستون فيلا مع المالك السابق توني شيا، وهنا جاء دور رجل الأعمال المصري ناصف ساويرس وصديقه ويس إيدينز.
أستون فيلا كان يتسوق في مكان مختلف تمامًا بعد رحيل جيرارد، حيث فاوض توماس توخيل وماوريسيو بوتشيتينو وكذلك روبن أموريم مدرب سبورتينج لشبونة، وهو ما يعكس أن طموحه كان يفوق وضعه وقتها.
ناصف ساويرس كان كلمة السر في إقناع إيمري بالقدوم إلى النادي في نوفمبر 2022 ودفع مبلغ 9.9 مليون دولار كتعويض لناديه فياريال مقابل التخلي عنه بمنتصف الموسم.
الإسباني وقتها جاء وسط شكوك هائلة بسبب فشله الذريع مع آرسنال، لكن إيمري أعاد اكتشاف نفسه مع الغواصات بتحقيق لقب الدوري الأوروبي في 2021، ليثبت أن مكانه في أندية الوسط الـ”Underdogs” وليس الكبار.
بداية إيمري مع فيلا أكدت على هذه الحقيقة، وكأنه ولد من أجل تدريب هذه الفرق، أندية جماهيرية ولكن دون ضغوط مع دعم مالي مناسب، وبالفعل نجح في موسمه الأول في الصعود بفيلا من المركز السادس عشر إلى السابع، ليحجز لفريق مكانًا بدوري المؤتمر.
صاحب الـ52 سنة قال فور تعيينه أنه يحلم بإعادة النادي للمحافل الأوروبية وتحقيق بطولة ما، الهدف الأول تحقق ولكنه لم يكن بنفس ما فعله نيوكاسل وقتها الذي فاجأ الجميع بالتأهل السريع إلى دوري أبطال أوروبا بعد عام واحد من شراء صندوق الاستثمار السعودي للنادي.
أستون فيلا أنفق ما يقرب من 580 مليون يورو منذ صعوده إلى الدوري الإنجليزي، ولكن دين سميث وجيرارد فشلا في استغلال ذلك بصورة محبطة للغاية.
مستوى الفريق مع جيرارد وصل لمرحلة انحدار غريبة، حيث تراجعت مستويات جون ماكجين وتيرون مينجز وأولي واتكينز، كما أن خطته 4/3/2/1 كانت تخلق ازدحامًا في خط الوسط وتعتمد على الظهيرين في الهجوم، وهو الأسلوب الذي أثبت فشله وتسبب في رحيله عن النادي.
خطة إيمري البسيطة والسهلة كانت السر في عودة الفيلا كأحد أهم فرق الدوري الإنجليزي، باعتماده على خطة 4/4/2 التي تتحول أحيانًا إلى 4/2/2/2.
إيمري عندما يعمل في فرق الوسط يكون شعاره الأول هو “استخلاص أقصى ما عند العناصر المتاحة”، وهناك شعار آخر وهو “إن لم تمتلك النجوم فعليك صناعتهم بنفسك”.
الإسباني فعل ذلك مع أولي واتكنز الذي شارك في 30 هدفًا من صناعة وتسجيل في 37 مباراة لعبها مع إيمري، ولكن سر الطفرة كان خط الوسط.
فيلا لم يكن بحاجة لإنفاق الملايين مثلما فعل تشيلسي على إنزو فيرنانديز ومويسيس كايسيدو، وهو الثنائي الذي لم يحقق ما فعله وسط فيلا حتى الآن من نجاحات وتأثير.
تحميل
المفاجأة أن هذا الوسط كلف فيلا حوالي 31 مليون يورو فقط! ماكجين قائد الفريق جاء من هيبرنيان مقابل 4.5 مليون يورو ودوجلاس لويز من مانشستر سيتي بـ26.60 مليون يورو، بينما وصل بوبكر كامارا بصفقة مجانية من مارسيليا ويعتبر جاكوب رامزي من إنتاجات أكاديمية النادي.
إيمري خلق منظومة شبه مثالية من خلال هذه العناصر، وجعل دوجلاس لويز يتحول من لاعب متوسط وعادي إلى لاعب وسط هداف، والغريب أن البرازيلي سجل 6 أهداف في 118 مباراة بالدوري الإنجليزي مع فيلا قبل قدوم إيمري، وعادل هذا الرقم بعد 27 مباراة فقط بعد مجيئه.
بداية إيمري المميزة جعلت إدارة فيلا تثق فيه وتمنحه الأموال “هذا ما لم تفعله معه إدارة آرسنال”، حيث تعاقد الصيف الماضي مع صفقات مكلفة مثل باو توريس وموسى ديابي، بالإضافة لضم نيكولو زانيولو وكليمون لونجليه على سبيل الإعارة ويوري تيليمانس بالمجان من ليستر سيتي.
وعلى الجانب الآخر سنجد أنهم لا يتعرضون بأنفسهم للتسلل كثيرًا، بوقوعهم في المصيدة 12 مرة فقط هذا الموسم مقابل 7 لمانشستر سيتي.
الفريق فاز في 13 مباراة متتالية في الدوري الإنجليزي على أرضه وهو إنجاز لم يتحق منذ عام 1983 وبالتأكيد كل السبب في ذلك هو إيمري ومن بعده ناصف ساويرس الذي وثق فيه وقاتل لجلبه للنادي.
العمق الذي يتمتع به تشكيل فيلا حاليًا جعل الفريق يعتمد على خط الدفاع العالي الذي يجيد لعب مصيدة التسلل بشكل أفضل من أي فريق آخر في أوروبا، وهذا ما قاله موقع “The Athletic” الذي كشف عن امتلاك فيلا لأعلى متوسط لعدد حالات التسلل في كل مباراة بالدوريات الخمس الكبرى بمعدل 4.8 حالة لكل مباراة.
بن فيشر من صحيفة “جارديان” البريطانية قال إن إيمري عبارة عن مدرب مهووس ومدمن للعمل، يقوم بالعمل لمدة 16 ساعة في اليوم الواحد، وأحيانًا يقوم بتقطيع بعض المقاطع الخاصة من المباريات لمراجعتها مع كل لاعب بشكل فردي، بل يشاهد مباريات الفريق حوالي 5 مرات.
إدمان العمل كان مادة للسخرية منه في آرسنال وباريس سان جيرمان، ولكن تشاء الأقدار أن تدور الأيام وتؤكد أن هذا العمل ليس بلا قيمة.
قد يهمك أيضا: