كتب إيمان فونة
في زاوية من الوطن، تدعى برشيد، يتنفس شبابها فنا، يكتبون على الجدران المتصدعة قصائد من ضوء، ويقيمون عروضهم على منصات متهالكة، كأنهم يراوغون الإهمال بالجمال. هناك، حيث الخشبة تصير وطنا، والمسرح بيتا، تشتعل شرارات الإبداع، لا برعاية سلطة، بل بعرق الحالمين، ودموع العارفين وبطعم الخذلان.
أبناء هذه المدينة لا ينتظرون تصفيقا من كراسي البلدية الوثيرة. فهم اعتادوا أن يحيوا المهرجانات الكبرى، ويقطفوا جوائز المسابقات الوطنية، دون أن تلقى عليهم إلتفاتة، أو يكتب عنهم سطر واحد في دفتر الانتباه. المسؤولون هناك، لا يسمعون. لا يرون. وإن رأوا، تظاهروا بأن هذا الإبداع ليس من تراب مدينتهم.
يا سادة القرار، ويا من جفت أعينكم عن نور ينبت أمامكم كل يوم، هل يُعقل أن يظل مبدعو برشيد غرباء في مدينتهم؟ ألا تخجلون من مدينة تصدر الفن وتستورد الإهمال؟ أليس في دفاتركم بند صغير يخص الكرامة الثقافية؟
إن أبناء برشيد لا يطلبون صدقات ثقافية، بل يطالبون بالاعتراف، بالدعم، بالحد الأدنى من الحضور. لقد صارت الخشبة ملاذهم، والمهرجانات نافذتهم، لكن إلى متى يبقون وحدهم، يصعدون المنصات بقلوب تنزف من الغياب الرسمي؟
برشيد لا ينقصها المبدعون، بل ينقصها من يدرك قيمتهم.
اليوم في مهرجان وطني حيث يمثل مدينة برشيد فرقتين مسرحيتين في إطار فعاليات مهرجان إشراقات مسرح الشباب المنظم من طرف جمعية فضاء القرية للإبداع في الفترة الممتدة مابين 2 إلى 4 ماي 2025 بالدار البيضاء، يحصدون كل من :
- جائزة الاخراج العائدة للمخرجة الفنانة رقية حماني عن عرضها المسرحي “فجوة” تحت إسم جمعية السَّنا للمسرح والفنون.
- الجائزة الكبرى لفرقة الجدار الرابع لمخرجها الفنان سعد شداني تحت إسم جمعية عشاق المسرح للإبداع والتنمية.
فكان حضورهم على الخشبة لافتا ومختلفا، أثبتوا أن الإبداع لا يحتاج سوى لصدق الأداء ووهج الشغف، جوائزهم لم تكن تكريما فحسب، بل تتويجا لمسار فني يزداد توهجا بعشاق الركح.
قد يهمك أيضا: