إلى متى سنظل ندور في نفس الحلقة المفرغة من اختيارات وليد الركراكي التي تثير الجدل أكثر مما تبعث على الطمأنينة؟ المنتخب الوطني الأول ليس ملكاً شخصياً للمدرب، ولا هو نادي خاص يُدار بالأمزجة والولاءات. إنه منتخب وطن، والوطن للجميع.
مشهد المنتخب المحلي في نهائي كأس إفريقيا للمحليين أمام مدغشقر يختزل الحقيقة كاملة: هناك لاعبون متميزون، مقاتلون، يملكون من الحماس والجاهزية أكثر مما يملكه بعض “المحترفين” الذين يدخلون قائمة الأسود وكأنها امتياز وراثي. هؤلاء المحليون أثبتوا علو كعبهم، فلماذا الإصرار على تهميشهم وكأنهم أشباح؟
الركراكي يمنح بعض الأسماء “بطاقة عبور دائمة” رغم غياب التنافسية وضعف الأداء في أنديتهم الأوروبية، بينما يتجاهل أسماء محلية تقطر عرقاً فوق الملاعب المغربية وتستحق فرصة حقيقية، لا مجرد عشر دقائق “ديكور” في مباراة ودية.
الأدهى من ذلك أن الخلافات المعلنة بين الركراكي وهشام الدميعي أو عبد الحق السكيتيوي وغيرهما من أصوات تقنية وطنية بدأت تفضح ما يجري في الكواليس: توتر، عناد، وانغلاق على نفس الاختيارات، حتى صار الجمهور يتساءل: هل المدرب يدافع عن مصالح المنتخب أم عن عناده؟
من حق كل مغربي أن يحلم برؤية لاعب من البطولة الوطنية يتألق بقميص الأسود في المونديال و الكان. من حقنا أن نسأل: ما الفائدة من منتخب محلي قوي إذا كان مصيره دائماً التهميش؟
الكرة لا تعترف بالجواز الأوروبي ولا بالبطاقة الاحترافية في الخارج. الكرة تعترف بالعطاء فوق العشب، بالحماس، بالجاهزية. والمنتخب الأول لن يكون جاهزا لكأس إفريقيا للأمم المقبلة، إلا إذا كان فعلاً منتخباً لكل المغاربة، لا منتدى مغلقاً للمحترفين “المحنطين”.
الرسالة واضحة: آن الأوان أن يفتح الركراكي الباب على مصراعيه أمام المحليين، أن يمنحهم دقائق وازنة، لا فتاتاً. وإلا فإن الحديث عن مشروع وطني جامع سيبقى مجرد شعارات للاستهلاك الإعلامي.